وتفسيرهم بأن العدل: الفريضة، والصرف: النافلة، فمن حيث أن العدل هو المساواة، وتعاطيه واجب، والصرف: الزيادة الحاصلة عن التصرف، وتعاطيه تبرع وهما كالعدل والإحسان.
والنصرة أخص من المعونة، فإنها تختص بدفع الشر والظلم، وقيل أرض منصورة: إذا أتاها المطر بعد طول مدة، والقصد بالآية التقوى من يوم لا يكفي أحد أحداً.
وقد أعاد تعالى هذا المعنى في غير موضع، كقوله تعالى:{يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا}
وقوله: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ}، وقوله:{وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا}، تنبيهاً أن لكل واحد ما يستصحبه من الإيمان والأعمال الصالحة: كما قال: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}،
إن قيل: كيف قال ذلك، وقد أثبتت الشفاعة في غير آية، قيل: هذا رد على اليهود فيما ادعوه حيث قالوا: " نحن أبناء الأنبياء وهم يشفعون لنا وإن ارتكبنا (ما ارتكبنا)، فنبه على أنه ليس لهم شفاعة كما قال:{يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا}، وقوله:{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}، والضمير من قوله - عز وجل - {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا} راجع إلى النفس الأولى وقيل أنه راجع إلى الثانية، وفي قوله:{وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا} راجع إلى الثانية لا محالة، وقوله:{وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ}، أي ليس لهم من ينتصر من الله تعالى بأن يمنعهم من عذابه إشارة إلى قوله تبارك وتعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ}، وقوله:{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي}، قيل: معناه: {لَا تَجْزِي} فيه، فحذف، وهو قول الكسائي، وقال البصريون، وصل الفعل إليه.
فنصبه نحو قول الشاعر:
ويوم شهدناه سليماً وعامراً
ثم حذف الهاء كحذفه من " الذي ضربت ".
وحقيقة الخلاف أن ما يقدر الكسائي حذفه بدفعه يقدره البصريون بدفعتين، ولا خلاف أن الأصل كان في ذلك فيه وأنه لا يطرد في كل مكان حذف الجار مع المجرور.