أبيح له ما حظر على غيره، بل لأنه أَمِنَ أن يأتي بما هو محظور، وهذا كقَولك: لن أمنت أن يتعدى طوره لا بأس عليك فيما صنعته، ولا حجر عليك
فيما أردته وارتكبته، يعني أنك مأمون الغاية أن يتعدى طورك،
فبين بالآية أن من صار بهذه المنزلة من الإيمان أحجم عن المحظور وعفي عنه، وعلى هذا قوله:(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ) الآية.
إن قيل: ما وجه تكرير ذكر الإيمان والتقوى؟
قيل في ذلك أوجه:
الأول: ليس من آمن واتقى فيما كان قد حرم عليه وقت إباحة الخمر وأدام الإيمان واستعمل التقوى، إلا أن في ترك شربه. ثم النهي في غير ذلك واستعمل الحسنى جناح فيما شربه من الخمر، وتعاطاه من الميسر، قبل أن يحرم ذلك.
الثاني: لا جناح في تناول المباح من آمن واتقى فيما مضى، وفي الحال وفي المستقبل، فأما من ترك ذلك في أحد الحالين، ولم يقلع بتوبة فله الإثم.
الثالث: أنه أراد استعمال الإنسان الإيمان والتقوى فيما بينه وبين نفسه، أو بينه وبين الناس، وبينه وبين الله.