{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} وقوله {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [أي وكان النبي عندها] وقال: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} وروى ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - " أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه مرتين " وهذه الجملة إذا تصورت أسقطت الشبهة التي تعتري من لم يتصور الحقائق فاحتاج إلى رفع الأخبار الصحيحة والآثار الواضحة التي هي كأن عليها من شمس الضحى نوراً ومن فلق الصباح عموداً وليس قوله تعالى إخباراً عن موسى - عليه السلام - في قوله:{قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} كما ظنه بعض الناس أن ذلك سأله لأن قومه كلفوه سؤاله أن يدركه محسوساً في الدنيا وكان يعلم أن ذلك محال، فإنه عليه السلام منزه عن أن يسئ لإساءة قومه، ويتجاهل اتباعاً لجهلة تباعه، وإنما سأله هو الحالة التي كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - مرتين، وهذه إشارة يمكن مع الاستعانة بما تقدم آنفاً أن يعرف معناه إلى أن ينتهي إليه، فنشرحه شرحاً شافياً - إن شاء الله -، وأما الجهر: فالظهور لحاسة البصر أو حاسة السمع، فمن حاسة البصر، قيل: رأيته جهاراً وتجاهرواً بالأمر، وأجهرت فلاناً وفلان يجهر بالمعاصي، وجهرت البئر أظهرت ماءها ومنه اشتق الجوهر، لكون أكثره ظاهراً للحواس فيمن لم يجعله منقولاً عن الفارسية، ومن حاسة السمع، قيل: جهر فلان بقراءته، وكلام جهير، وهو جهوري الصوت والصاعقة والصاعقة يتقاربان إلا أن الصقع يقال في أصوات الأجسام الأرضية، والصعق فيما يكون من الجو والسماء وقال بعض أهل اللغة: الصاعقة