وبهذا النظر جعل الأدب والمأدبة من أصل، فإن الطعام غذاء البدن والعلم غذاء الروح، وعلى هذا ما قيل: إن متعلماً قرب من باب عالم، فقال: أطعمني فأعطاه لقمة، فقال: إني أسأل ما يحي النفس، لا ما يتعب الضرس، قال هذا القائل: وإنما القوم رغبوا في حقائق لم يأت وقت إطلالهم عليه،
ولم يكتسبوا الحالة التي تمكنهم الوقوف عليه، فقول عيسى:(اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) حثٌّ منه على اكتساب التقوى واستعمالها.
فيقول: إن حصلتم الإيمان وهو العلم الحقيقي، فاستعملوا التقوى فبها تنال هذه المنزلة.
ولهذا قال تعالى:(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ).
فلما ألحُّوا في السؤال سأل عيسى فقال:(أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ) الآية، وقال وهذا كما سأل إبراهيم فقال: