تعالى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}، فإن بعض ذلك كريه بالطبع، وبعض كريه بالشرع، وسمي العذاب رجزاً في قوله:{لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ}، ورجساً في قوله:{وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ}، ومن قال: ليس الرجس النتن، فقد زصف الله الخمر بذلك، وهي طيبة الرائحة، وقد وصف الله تعالى [خمراً] في الجنة باللذة، [فإن هذا القائل] بعيد التصور للوهمات فضلاً عن المعقولات، وهذه الجملة إذا تصورت علم أن الكسائي لما قال: الرجس النتن، والرجز العذاب، والزجاج لما قال الرجس قد يجئ للعذاب كله قريب، وإنما اختلافهم لنظرهم إلى مواقع الكلمات لا إلى موضوعها في أنفسها، وكونها مستعارة من المحسوس للمعقول، وأما تبديلهم، فقد قيل إنه قيل لهم: قولوا حطة، فقالوا استهزاء حنطة، وقيل لهم:{وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} فدخلوا مقعين على أستاهم، والإشارة بلذك في الجملة أنهم غيروا ما شرع لهم ولم يراعوا أمر الله تعالى، فأنزل الله بهم عليهم العذاب، وتخصيص قوله:{رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ} هو أن العذاب ضربان، ضرب قد يمكن على بعض دفاعه أو يظن أنه يمكن فيه ذلك، وهو كل عذاب على يد آدمي أو من جهة المخلوقات كالهدم والغرق، وضرب لا يمكن ولا يظن دفاعه بقوة آدمي كالطاعون والصاعقة والموت، والوحي وهو المعني بقوله {رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ}
إن قيل: لم قال: {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} ولم يقل: (فأنزلنا عليهم) مع أنه كان أوجز؟ قيل: قصداً إلى