اختلفت فروضهم في أحكامها وفروعها، وقيل أن " استسقاء موسى - عليه السلام - لقومه هو طلب علوم لهم تعمهم وتقلهم من حيث لا يحتاج فيه أحد إلى الاستعانة بالآخر، بل يجري مجرى المطر " العام للغني والفقير، فبين الله تعالى أن ذلك ليس من الحكمة، إذ قد جعل الدنيا على تفاوت بين بينها، ولذلك قال:
{قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}، وأمره أن شرع لهم بالسنة الأسباط الأثنى عشر أنهاراً من العلوم يتناول كل فرقة على قدر منزلته واستحقاقه من مشربه، وقيل: إن موسى - عليه السلام - طلب لهم العلوم الموهبية وهي الحكمة الحقيقية التي نبه عليها الخضر حيث قال له موسى عليه السلام:{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}، فبين الله تعالى له أن منزلة (بني إسرائيل) تقصر عن إدراك ذلك، وأمره أن يأخذهم بالعلوم والأعمال الظاهرة، وذلك هو الاعتقادات والعبادات والمعاملات والمزاجر التي قد بنيت عليها الشرائع كلها ولكل واحد من ذلك ثلاثة منازل منزلة الظالم والمقتصد والسابق، وهو العامة والجامة والخاصة، فالعامة تؤخذ منها بالقهر السلطاني، والجامة بالقهر العلمي والخاصة بالقهر اليقيني، فهذه اثنتا عشر خصلة من استكملها بلغ منزلة من وصفهم الله تعالى بقوله:{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} ووصف به أصحاب الكهف في قوله تعال: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (١٣) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ}، الآية، وهذه الأقوال محققة في أنفسها وإن لم تكن مقصودة في الآية والله أعلم.