الطير التي اتخذ منها ريشها، وقيل:" يداك أوكتاوفوك نفخ "، فنسبه إلى الآلة المتصلة، وثقال: سيفُ قاطع، فنسب إلى الآلة المنفصلة، وقيل: ضربٌ فيصل، وفاصل، وطعنٌ جائفٌ، فنسب إلى الحدث، وقيل:" سرٌّ كآتم "، و " عيشة راضية "، فنسب إلى المفعول، وقال:" حَرَماً آمناً "، فنسبه إلى المكان، وقيل " يومٌ صائمً "، و " ليل ساهرً "، وقال: - ومَاَلَيْلُ اَلْمطِىَّ بِنَائِمِ فنسبه إلى الزمان، فلما كانت أفعالنا على ذلك صح في الفعل الواحد أن ينسب لأحد الأسباب مرة، وينفي عنه بنظرين مختلفين، على ذلك قال الشاعر:
أًعْطَيْتَ مَنْ لَمْ تُعْطه وَلَوْ انْقَضَى ...
حُسْنُ الَّلقَاء حَرَمْتَ مَنْ لَمْ تَحْرِمِ
فأثبت له الفعل " مرة " ونفاه عنه معاً بنظرين مختلفين، ويقال " هذا الخشب قطعته أنت لم يقطعه السكين " بمعنى أنه جعل تأثيره لك لا للسكين، ويقال: قطعه السكين لم تقتطعه، وبتصور هذا الفصل تزول الشبهة فيها يرى من الأفعال منسوباً إلى الله تعالى، منفياً عن العبد، ومنسوباً إلى العبد تارة منفياً عن الله تعالى، نحو قوله تعالى:{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ}، وقوله تعالى:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} وقوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}، وبيان ذلك أن الأفعال التي نباشرها تعتبر على وجهين: أحدهما بالإضافة إلى مباشره، فيقال: فعل فلان كذا، ولم يفعل كذا، والثاني: الاعتبار بميسره والمقدر له