يخصهم النبي- عليه السلام- بالاطلاع عليه دون المؤمنين، حتى كانوا يكتمونه ويتواصوا به، والحجة هي ما يقتضي صحة أحد النقيضين، وأصله من الحج أي القصد للزيادة، وسمى سبر الجراحة حجاً، وخلا فلأن أي صار في خلاء، فالآية إخبار عن المنافقين منهم، وأنهم يظهرون الإيمان ويتواصون فيما بينهم أن لا يظهروا ما انكشف لهم من حقائق النبوة لئلا يصير ذلك حجة عليهم في حكم الله، وهدا معنى قوله:(عند ربكم)، كقوله {فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} أي في حكمه، وهدا التأويل أولى من قول من قال:{لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ} أي يوم القيامة، وقيل:{عِنْدَ رَبِّكُمْ} أي: عند سيدكم يوم الخصام، وقوله:{أَفَلَا تَعْقِلُونَ} يصح أن يكون من جملة الحكاية عنهم على سبيل إنكار بعضهم على بعض، ويصح أن يكون استئناف إنكار من الله - عز
وجل-[عليهم] على سبيل ما يسمى في البلاغة بـ " الالتفات "، ويصح أن يكون ذلك خطابا للمؤمنين تنبيها على ما يفعله الكفار والمنافقون.