وجدك فاصطفاك، كقوله تعالى في موسى عليه السلام:{وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي}، وأخذ هذا الميثاق المذكور في الآية ليس شيئاً اختص به بنو إسرائيل فقط، بل في كل أمة، ولكل نبي، وقد تقدم أن هذه العبادات مما لا يجوز خلو شرع منها وإن اختلفت هيئاتها وأعدادها وأن كلياتها مأخوذة على الناس بقضية عقولهم وألسنة أنبيائهم وجزئياتها وكيفياتها مأخوذة عليهم بألسنة أنبيائهم- عليهم السلام - إذ لا طريق للعقل إلى صرفة جزئيات العبادات والصالح المعلقة بها، وليس أخذ الميثاق
كله معتبراً بان يلتزمه المأخوذ عليه ويرضى به، بل بأن توجه الحجة، وتقدير قوله:(لا تعبدون إلا الله) فيه أوجه، قال الكسائي:(أن لا تعبدوا)، فلما حذف " أن " نرفع، نحو:
ألاَ أيُّهذا الزَّاجري أحْضُر الوَغى
وقال الأخفش: لما أفاد قوله {أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} معنى القسم أجابه بجوابه نحو: خلفت لا يخرج زيد، وقال قطرب:(لا تعبدون) في موضع الحال، تقديره غير عابدين، وقال الفراء: لفظه خبر، ومعناه النهي نحو:(لا تضار والدة بولدها) بالرفع، واستدل على كونه نهيأ بقراءة أبي:(لا تعبدوا إلا الله)، وبعطف قوله:{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} عليه.