والرد والرجوع متقاربان، إلا أن الرد يقتضي قهراً، أما للمردود إذا استعمل في الحيوان والرجوع لا يقتضي ذلك، فإن قبل الردة عن الإسلام يتعاطاها صاحبها طوعاً، قيل إذا اعتبرت الردة بصريح العقل والفطرة التي فطر الناس عليها، فهي قهر للعقل على ما ليس من مقتضاه، لأن الكفر هو الاعتقاد الظني، كما أن الإيمان هو الاعتقاد اليقيني، والعقل لا يسكن إلى الكفر، [ولا يطمئن إليه] إذهو مناف لمقتضاه، ولهذا قال تعالى:{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} لأنهم إذا راجعوا عقولهم [أنكروه وتمنوا سواه]، وعلى ذلك قوله تعالى.
ومعنى الآية أن اليهود كان أوجب عليهم أن لا يسفكوا الدماء ولا يخرجوا أحداً من ديارهم ولم يوجب عليهم مفادات الأسرى، فأخلوا بالواجب والتزموا ما لم يكن يلزمهم، فأنكر الله تعالى عليهم ترك الفريضة ومراعاة النافلة وقوله:{وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ} متعلق بما قبله وقد فصل بينهما بقوله: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} وقال بعضهم: إن الله تعالى نبه بهذه الآية مع المعنى الظاهر على لطيفة، وهي أن في قوله تعالى تقتلون أنفسكم تنبيه أنه تسعون في اكتساب العقاب الذي يجري مجرى قتل النفس، وبقوله:{وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ} أي تضيعون بعض قواكم ولا