للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنى بقوله - عز وجل -:

{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} وضرباً بعد الإيمان وفوقه، وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب ووفاء بالفعل، وإياه عنى يوسف بقوله: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}، وقال: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} أي الطاعة هي تسليم لأمر الله- عز وجل، وهذا الإسلام بين مبدأه ومنتهاه بون بعيد، وكان منتهاه على حسب طاقة البشر حال إبراهيم- عليه السلام- حيث ابتلى، فقيل له أسلم، فقال أسلمت لرب العالمين، ثم وفي بما كان منه، وهذا هو الإخلاص المراد من الأولياء، وأصل الوجه العضو المقابل من الإنسان فاستعير للمقابل من كل شيء حتى قيل: واجهته ووجهته، وقيل للقصد وجه، وللمقصد وجهة، وعلى ذلك {أَسْلَمَ وَجْهَهُ}، {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ}، {أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ} وعلى ذلك قوله: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا}.

ولما جعل دلك للقصد أضيف تارة إلى القاصد كما تقدم، وتارة إلى المقصور، كقولك: " أردت بكذا وجه الله "، وقد حمل على ذلك {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}، {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}، وقيل: الوجه في هذه المواضع اسم العضو مستعاراً للذات، فقوله: أسلم وجهه أي نفسه والإحسان قيل هو الإتيان بلد فرض العبادة بالنفل، وبعد إقامة العدل بالفضل ولما كذبهم الله عز وجل فيما ادعوه

<<  <  ج: ص:  >  >>