وإتمامه: هو الوفاء بها المذكور في قوله: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}، وسماه حنيفاً مسلماً، وقال:{إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}، وجعل إمامته للناس كافة على التأييد، فإنه لم يُبعث بعده نبي إلا من ذريته، كما قال تعالى:{وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}، وقال:{وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} حتى قال للنبي (محمد) عليه السلام: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}.
وقال:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ}، وأمر- عليه السلام- بذكر إبراهيم في الصلاة، فقال:" اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم "، ولم يرد بالإمامة ههنا النبوة كما ظنه بعض المفسرين، فإنه- عليه السلام- إمام للناس على العموم في كل زمان على الإطلاق وليس بنبي لهم على [العموم] بالإطلاق، ولا قيل له ذلك قال:(ومن ذريتي)، فأجيب إلى ملتمسه بقوله:{لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} لكنه تعالى بين أنه قد يكون من ذريته ظالم، وبين أن الإمام يتحمل للعهد، والظالم لا عهد له، فإذاً لا إمامة له، ولهذا ما روي في الخبر أن الله تعالى يقول يوم القيامة لوالي السوء:(ياداعي السوء، أكلت اللحم، وشربت اللبن، ولبست الصوف، ولم تؤد الكسير ولم ترعها في مرعاها)، واستدل بالآية بعض الناس، فزعم أن الظالم إدا عوهد لم يلزم الوفاء بعهده، وقال الحسن:" إنما لم يجعل الله لهم عهداً " ....