في الاعتكاف:{طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ}، وقال في القرابين:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا}، وحكى عن اليهود {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ}، وفي الجهاد:{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}، وقال في القصاص: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}، وقال في المطاعم والمشارب:{كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ}، وقال:{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} وقال في المزاجر: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}، وقال في أخرى:{لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ}، وقال:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}، وذكر في الآداب وصايا لقمان لابنه وهو يعظه:{يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} إلى قوله: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}.
إلى غير ذلك من الآيات، وآكد من ذلك كله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} إلى قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}، وقال في الفروع:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}،
فإن قيل: إن المزاجر ليست في كل شريعة، ألا ترى أنه قيل: لم تكن في النصرانية، لما روى عن عيسى عليه السلام:" إذا لطم أحدكم على احد جانبيه فليعرض عليه الجانب الآخر "، وقال:" أدع الناس إلى الدين بالمقال دون القتال "، قيل: إن المزاجر كما تكون بالقتال قد تكون بالمقال، فلابد أن يكون لهم مزاجر، ثم إن مزاجرهم قد وردت بها التوراة، فاستغنى بها عيسى عليه السلام عن تبيينها وما ذكر من تمكين الجانب الآخر من اللطم، فحثُّ منه على العفو واحتمال المكروه.