قيل: أما بالنظر الخاصي فعام لهم وفي كل زمان، وذاك أن الناس لا ينفكون في الدنيا في شيء من الحالات عن شي ما من المحن، بل في حال اليسار يساق بهم إلى محنة فإذا ما هم في محنة وإن كانوا في صحة ولهذا روي:: كفى بالسلامة داء " ..
وقال الشاعر:
إذا كان الشبابُ يعوُدُ شيباً ...
وهمَّا فالحياةُ هيَ الحمامُ
فالعاقل بتفكره يعلم أن ماله وبدنه وذويه ونعمه عارية مستردة، فإذا عرضت له نائبة كان له من الصبر مطية لا تكبو، ومن الرضا بقضاء الله سيف لا ينبو، وإما بنظر أعم من ذلك، فإن الله تعالي لا أجرى عادة الدنيا أن لا تنفك من هذه الآفات المذكورة، وأنها قد تنال الأخيار كما تنال الأشرار، جعلها ابتلاء لأوليائه لكي إذا تلقوها بالصبر حط بها وزرهم، وإلا عظم به أجرهم.
وخص بعض المفسرين هذه الأشياء فقال: أراد بالخوف: ما ينال في مجاهدة العدو وبالجوع: صوم شهر رمضان وبنقص من الأموال، ما أوجب من الزكوات، وبنقص الأنفس: الأمراض وبنقص الثمرات: الصدقات وجعل بعضهم هذه الأشياء المحن الظاهرة العامة، لكن خص المخاطبين بأنهم أصحاب النبي- عليه وعليهم السلام خاصة، فقال: " إن الله- عز وجل أبلاهم بهذه الأشياء الظاهرة للحواس " المتبينة للكل ليعلم من بعدهم أنهم لم يتحروا في أتباع النبي- عليه السلام- طلب عرض، بل تبعدوه لتحققهم بمعرفة الحق وظهور الحجج، وجعل بعض المعتزلة المخاطبين والمحن