للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضربين، أحدهما أن يدل على سبيل المجمل، والثاني: على سبيل التفصيل، فبين أن فيه هدى على الجملة، وبينات أي ما يوضح ويكشف على سبيل التفصيل، ففرق بين الحق والباطل، فصار ذكر البينات والفرقان بعد الهدى ذكر الخاص بعد العام، وجواب أخر، وهو أنه قد تقدم أن الهدى على ضربين هداية إلى سبيل الله المعنية بقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، وهداية إلى الله المعنية بقوله عز وجل: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي}، فالإشارة بقوله: (هدى) إلى الأولى، وبقوله: {وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى} إلى الثانية والفرقان مصدر في الأصل [كالغفران والكفران] وسمي به القرآن لكونه فارقاً بين الحق والباطل في الاعتقاد والصدق والكذب في المقال، والجميل والقبيح في الأفعال، وقوله: (فمن شهد) عام في كل مكلف حاضراً كان أو مسافرا، لكن أخرج منه المسافر والمريض، ولم يدخل فيه الحائض لدلالة الإجماع عليه فمنهم من اعتبر الشهود في ابتدائه، فقال: " من شهدهُ وهو مقيمٌ فعليه صومهُ سافر أو لم يسافر " وإليه ذهب أمير المؤمنين علي- رضي الله عنه-، ومنهم من اعتبر ذلك في أجزائه، وإليه ذهب عامة الفقهاء، وقال أبو حنيفة: - رحمه الله: " من كان صحيح العقل في بعض رمضان، فعليه صوم كله، لأنه شهد الشهر "، وعند الشافعي أن كل يوم لم يكن فيه صحيح العقل لا يلزمه صومه، ولا خلاف أن الصبي إذا بلغ في أثناء الشهر لم يلزمه قضاء ما تقدم من الشهر.

إن قيل: لم أعاد ذكر الشهر، ولم يقل: " فمن شهده "؟

قيل: لأمرين: أحدهما: تعظيماً لذكره، لأن ما يعظم فد يعاد ذكره مع كل حكم يحدد له.

والثاني: ليس يحل الصوم على من كان شهد الشهر الذي أنزل فيه القرآن فقط، فلذلك أعاد ذكره ...

<<  <  ج: ص:  >  >>