إذا دعوه أجابهم، وعليه نبه بقوله تعالى:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}
إن قيل: قد ضمن في الآيتين أن من يدعوه يجيبه، وكم رأينا من داع له لا يجاب؟، قيل: إنه ضمن الإجابة لعباده، ولم يرد بالعباد من ذكرهم بقوله:{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}، وإنما عني بهم الموصوفين ...
في قوله- عز وجل- {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} الآية، وقوله:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} لآية، ولدعائهم شرائط، وهي أن تدعو بأحسن الأسماء كما قال الله تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}، ويخلص له النية الافتقار ولا يرغب إليه فيما تنزه الأكابر عن مسئلة مثله ولا ما يستعين به على معاداته، وأن يعلم أن نعمته فيما يمنعه من دنياه كنعمته فيما أعطاه، ومعلوم أن من هذا حاله مجاب الدعوة، وأنه من جملة من وصفه النبي عليه السلام بقوله:
" رب ذي طِمْرينِ لا يؤْبهُ به لوْ أقسَمَ علَى الله لأبَّرهُ " ثم قال: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} أي إذا كنت لهم بهذه المنزلة فحري أن يستجيبوا لي إدا دعوتهما وأن يؤمنوا بي - راجين رشدهم، وإنما قال:{فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} ولم يقل ليجيبوا للطيفة، وهي أن حقيقة الاستجابة طلب الإجابة وإن كان قد يستعمل في معنى الإجابة، فبين أن العباد متى تحروا إجابته بقدر وسعهم فإنه يرضى عنهم ...
إن قيل: كيف جمع بين الاستجابة والإيمان وأحدهما يغني عن الأخر؟