للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}

وجعل الفتنة لكل أمر مكروه المحتمل، فتارة استعير للشرك، وتارة للعذاب، وتارة للاختبار، ولما كان لفظ الفتنة والقتل ههنا مبهمين، قال بعضهم: معناه أن يفتن الإنسان في دينه، فيشرك أشد أي أوخم عاقبة من أن يقتل، فإن الأذية التي تنال المقتول محدودة، والأذية التي تنال الشرك بشركه غير محدودة، وقال بعضهم: إن معناه: أن يوقع الإنسان الفتنة أشد على الناس أي أعظم ضرراً من أن يقتل في الحرم من يستحق القتل، وقال: وذلك رد على من استعظم قتل بعض المسلمين كافراً في الحرم، ولهذا قال بعده: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} وقوله {وَأَخْرِجُوهُمْ} أمر بإخراج الكفار من مكة بدلالة قوله: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ}، وقوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} وقوله: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} استثناء من قوله: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}، وهذا حكم عند أكثر الفقهاء فإنه لا يقاتل في الحرم إلا من قاتل، ويؤيد ذلك قوله - عليه السلام - يوم فتح مكة: " إن مكة حرام حرمها الله - عز وجل - يوم خلق السماوات والأرض وإنما أحلت لي ساعة من نهار، ثم عادت حراما إلي يوم القيامة "، فهذا يدل على أن ذلك غير منسوخ كما ظنه بعض الناس، وقال الأصم: إن ثبت جوازا القتل هذا في

<<  <  ج: ص:  >  >>