مكروهاً، وكما قال:" إذا صام أحدكم فلا يجهل، فلا يرفث، فإن جهل عليه فليقلْ: إني صائم "، وقوله {وَلَا جِدَالَ} أي: لا يجوز المماراة، وقيل معناه: لا شك أن فرضه مقرر في ذي الحجة بخلاف ما فكله النساءة، قيل: هو حث على التحاب وقيل: " هو حث على التحاب والنظافة وترك ما يؤدي إلى التباغض "، وكل ذلك يصح إرادته، وقيل قوله:{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} إشارة إلى أن من التزم هذا الفرض وتحراه يمنعه عن الرفث والفسوق، وكأنه نبه على علة ما أوجه لأجله الحج، فهو تهذيب اللسان عن الخنا، وإصلاح البدن [بالمنع] من تعاطي الفسق، كما جعل الصلاة علة لترك الفحشاء والمنكر، والصوم علة للتقوى في قوله:(لعلكم تتقون)، والزكاة علة لتزكية النفس في قوله:{وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} وقوله: {وَلَا جِدَالَ} نهي على ما تقدم، ولهذا فضل بين إعرابيهما بعض القراء، ونبه بقوله:{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} على مجاراته إياهم، كما نبه في عامة القراء على ذلك، نحو:{سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}، و {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} وما يجري مجراه من الأقوال:
وقوله:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} حث على تقوى الله واقتناء الأعمال الصالحة، والإعراض عن الدنيا سوى ما يتوصل به إلي الآخرة ...
، وقال أبو المطيع البلخي لحاتم الأصم:
" بلغني أنك تجوب ألبادية بلا زاد فقال: إنهم أجوبها بأربعة أشياء، أرى الدنيا بحذافيرها ملكاً لله، وأرى الخلق كلهم عبيداً لله، وأرى الأشياء كلها بيده، وأرى قضاءه نافذاً في كل أرض "،، فقال:" نعم الزاد زادك يا حاتم نحوت فيما مفاوز ألآخرة "، وقول من قال: " أنزلت الآية في قوم يحجون بلا