للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا قال عليه السلام:

" حفت الجنة بالمكاره، وحُفت النار بالشهوات "، فخاطب هذه الأمة بأنه محال أن ترجو تحصيل الجنة إلا بما جرى به حكم الله في الذين سلفوا، وهو أن تنالكم البأساء أي الفقر، والضراء أي المصائب، والزلزلة أي المخاوف، وبذلك أثنى على المؤمنين فقال: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} وليس ذلك في الأمور الإلهية فقط، بل في عامة الملاذ لا سبيل إلى منحة إلا بمنحة، ولا إلى لذة إلا بشدة.

ولهذا قيل: ولابْد دُون الشهدِ من أثرِ النحلِ.

وقوله: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ}، قيل معناه: " حتى يقول الرسول والمؤمنون متى نصر الله " على سبيل الإبطاء، ثم تل تداركوا، وعادوا إلى معرفتهم، فقالوا: {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [قيل ليس ذلك على سبيل التضجر، بل على سبيل الدعاء والتضرع إخباراً منه تعالى على سبيل الآية لهم على سبيل الحكم، وقيل تقديره وزلزلوا حتى يقول الأتباع متى نصر الله، ويقول الرسول " ألا إن نصر الله قريب "] فجمع بين قولهم، كقولك: قال زيد وعمر وكذا وكذا الشيئين أحدهما قاله زيد والآخر قاله عمرو، وقرئ: (حتى يقول) بالرفع والنصب، ولكل واحد وجهان فأحد وجهي النصب معناه: إلى أن، والثاني معناه: كي يقول، وأحد وجهي الرفع أن يكون الفعلين ماضيين نحو: " مشيت حتى أدخل البصرة "، أي مشيت فدخلت والثاني: أن يكون ما بعد حتى لم يمض نحو: " مرض حتى لا يرجونه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>