وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه قول الرجل:(لا والله) و (بلى والله) على سبيل العجلة لا على القصد،
وإليه ذهب الشافعي، وقال أبو حنيفة: لغو اليمين كالغموس في أنه لا تجب فيهما الكفارة، ولكن الغموس أن يحلف ويعلم أن الأمر خلافه، فيعظم معصيته واللغو أن لا يعلم، بل يظن فلا تقع المؤاخذة به، وقوله:
{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} هو أعلم من قوله: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} وذاك أنه لما كان القلب يعبر به عن الجزء الذي به المعرفة والفكر ويجري من سائر أجزائه مجرى الراعي من المراعي، ونبه بقوله:{بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} أن الاعتدال به دون غيره من الجوارح، حتى إن كل فعل لا يكون عنه وبه سهواً أو خطأ متجافى عنه، ولهذا قال- عليه السلام- " إن في الإنسان مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد، وإذا فسدت فسد سائر الجسد "، وقال:" إذا طاب قلب المرء طاب جسده "، وقال:" إن الله تعالى لا ينظر إلي صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلي قلوبكم وأعمالكم ".
والحلم وإن كان مناً هو إمساك القوة العصبية المقتضي للعفو، وهو إذا استعمل في الله لا يراد به إلا العفو عن المذنب دون حدوت حالة وتجدد أمر عليه- تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.