للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهي على ثلاثة أضرب:

الحوامل: وعدتهن أن يضعن حملهن، واليائسات، واللائي لم يحضن، وعدتهن ثلاثة أشهر، وذوات الحيض: وعدتهن ثلاثة أقرؤ، وهذا الحكم إذا كانت امرأة حرة فأما إذا كانت أمة فقرآن، وفي الشهور على النصف من الحرة ...

إن قيل: كيف استعير لفمظ الخبر للأمر في قوله: {يَتَرَبَّصْنَ}؟ قيل: لما كانت العدة تحصل من الرأي بانقضاء الأيام، نوتها أو لم تنوها، أجدت أو لم تجد صار لفظ الخبر أملك له من لفظ الأمر، ويدلك على صحة هذا الاعتبار إتيان جميع العدد بلفظ الخبر وقوله: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ} عنى كتمان ما في أرحامهن من الحيض والحبل، وأنه لا يجوز أن تكون حاملاً، فتقول: ليست بحامل، أو لم تكن حاملاً، فتقول: أنا حامل، ولا أن تدعي الحيض أو تنفيه على ذلك، وذلك عام في كل ذلك، وإن مثل كل واحد من متقدمي المفسرين لشيء من ذلك، ومن قال: لا يجور أن يكون الحيض، لأن الحيض لم يخلق في الرحم، وإنما هو دم يرد إليه من جميع البدن، فعلى هذا قوله: {فِي أَرْحَامِهِنَّ} لا يكون من صلة خلق، بل يكون من صلة قوله (ولا يكتمن)، أي: لا يكتمن في أرحامهن ما خلق الله فإنه لا شك أن يحصل في الرحم خلق فيه أو لم يخلق، ونهيها عن كتمان ذلك دال على أن قولها مقبول فيما تدعي من حيضها وحملها فيما يتعلق بحقها، فإن تعلق بذلك شي، ليس من حقها، فيجور أن لا يقبل إذا اتهمت، كمن يقول: " عبدي حر " أو " امرأته طالق إن حاضت "، فقالت: " قد حضت، فمتى لم يصدقها لم يعتق عبده ولم يطلق امرأته، وقوله: {إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، فليس ذلك شرطاً في أنهن إذا لم يكن مؤمنات، يجوز أن يكتمن، وإنما ذلك تنبيه أنه مناف للإيمان، وأنه ليس من فعل المؤمن، كقوله: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، وقوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} دال عي بينة مراجعتها ما دامت معتدة، ولم يعن بالرد تجديد نكاح يشارك فيه غيره في الحال، وإنما عنى الرجعة الموجبة لبقاء النكاح بلد انقضاء الحيض التي إذا لم تكن لكان يزول النكاح، وظاهر الآية أن إباحة هذه الرجعة شريطة الإصلاح، لكن لا خلاف أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>