للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العدة، ثم يراجعونها إضرارا بها، خص ذلك بالذكر، والثاني من التفسيرين أن الآية فيمن طلق امرأته تطليقة، وتركها حتى تنقضي عدتها، ثم يريد التزوج بها، وزاد أنه ذكر فيما قبل حكم الخلع، وحكم ما تصح مراجعته، وما لا تصح، وما يحتاج أن يتعاطاه المراجع، وذكر في هذه الآية حكم المطلقة تطليقة وقد انقضت عدتها، فقال: إذا طلقتم تطليقه، {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}، أي انقضت عدتها، فأمسكوهن أي تزوجوا بهن على حكم الله أو اتركوهن على حكمه ..

إن قيل: كيف يصح أن يعبر لكن التزويج بالإمساك؟ قيل: إنما استعمل الإمساك في هذا للتزوج، لأنه كان بعد أن كانت تحته، وقبل أن يملكها غيره، فقال: {فَأَمْسِكُوهُنَّ} تنبيهاً على هذا المعنى، أو {سَرِّحُوهُنَّ}، أي أفرجوا عنها، ولا تخطبوها، قال: والذي يدل على هذه الآية التي بعدهما، فإنها نزلت فيمن خطب امرأة كان قد طلقها تطليقها، فانقضت عدتها، فمنعت إياه، فأوصى تعالى الخاطب في هذه أنه إن أراد أن يمسمكها بإعادة نكاحها، فليستعمل المعروف، وإلا فليحلها، وجل المفيرين على المعنى الأول،

إن قيل: لم علق التسريح هاهنا بمعروف وفي الأول بإحسان؟ قيل: إنه لا أعيد ذكر الرجعة علق التسريح بالمعروف تنبيها أنه إن لم تراعوا في تسريحها الإحسان، فراعوا فيه المعروف، كما قال بعض الناس لسلطان: " إن لم تحسن فعلاً "، وقوله: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ} قيل: معناه: لا تهزوا بها، ولا تحسبوها عبثاً، نحو: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ}، وقيل: معناه: لا تعملوا بخلافها، فتكونوا كالهازئين بها، وقال أبو الدرداء: " كان في أول الإسلام يطلقون ويعتقون، ثم يقولون: كنا نلعب "، والإشارة بالآية إليه، وقال عليه السلام- " ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد النكاح، والطلاق، والعتاق " وحث على معرفة نعمه وما أنعم عليهم بالكتاب والحكمة ..

إن قيل: كيف أفرد الكتاب والحكمة عن النعمة وهي أفضل النعم وأجلها؟ قيل: لأمرين، أحدهما: أن النعمة في تعارف الخاصة والعامة هي كثرة في المال، وصحة في البدن وسائر الزين الدنيوية، ولا يعرف الكتاب والحكمة نعمه إلا أولوا الألباب، والثاني: أفردهما التخصيص والتفصيل كإفراد جبريل وميكائيل عن الملائكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>