والدنيا يجري مجرى واحداً في أن المقصد به النهي عما لا يرضاه الله، وقوله:
{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ}، كقوله:{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} وعلى ذلك حث بقوله: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ} وقوله: {أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} والكره يقال على ضربين: أحدهما أن يكون مفسراً من خارج، وذلك على أحد الأوجه الثلاثة، إما بأن يهدد بالضرب أو يضرب حتى يفعل، وإما أن تؤخذ يده فيفعل بها، فيكون في هذا كلالة، وإما أن يدعوه من يزينه في عينه، والثاني: ما يكون مفسراً من داخل، وذلك إما بخوف يستشعره، وإما بهوى يغلبه، وقد روعي كل ذلك في تفسير الآية، فقيل فيه أوجه:
الأول: إن ذلك حث على أن لا يحمل الإنسان على الدين بالقسر، بل يعرض عليه الإسلام عرضاً ويعرف فضله، فإن قبل: وإلا ترك؟ قيل: وهذا حكم كان في ابتداء الإسلام، ثم نسخ بسورة براءة، وذلك عن السدي، وابن زيد، والثاني: نحو ذلك، غير أنه خص بمن قبل منهم الجزية دون مشركي العرب، وذلك عن الحسن، وقتادة، والضحاك، وعلى هذين معناه: أمن، والثالث: أن قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ} لا اعتبار بالإكراه في الأحكام الدنيوية، فالمكره على الإسلام، وغير المكره سيان بعد أن يلتزما ..