وقد علم أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا مضيفين سيما في ابتداء الإسلام وأفضل الإنفاق ما يقصد به وجه الله لعز وجل -، وأفضل ما يقصد به وجهه ما يجعل في سبيل الله، وأفضل سبيل ينفق فيه ما كان أكثره غنى، وقد علم أنه لا جهاد أكبر من جهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا قوم أكفر ممن كان يحاد بهم ولا زمان أحوج إلى محاربتهم من زمانه وكل وأحد من هذه الخصال يجري مجرى فعل يستحق مثوبة محددة، فعظم الله تعالى أمر الإنفاق في سبيله في زمانه، وجعل له من الثواب ما لم يجعل لغيره من الأعمال، ووجه ثالث وهو أن الإنسان متى تحرى فعل الخير على ما يجب وكما يجب يدعوه ذلك إلى أن يزيد في فعل الخير فلا يزداد، حتى إنما يصير مثل ملك فيه الفضيلة وبازدياده في الإيمان وفعل الخيرات يزداد ثوابه، فحيث ما ذكر التضعيف، فأشار إلى الحالة الأولى وحيث ما ذكر عشرة أمثالها وسبعمائة فإلى الأحوال المتوسطات وحيث ما ذكر، {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}، فإلى المنتهيات والغايات وأنها لا يحصرها عدد كما قال: عليه الصلاة والسلام: " ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ".