مرضاة الله وطلب التوجه للوصول إليه المشار إليه بقوله، مخبرا:{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} والثاني: بتثبيت النفس أي رياضتها، لأداء الأمانات وبذل المعونات، والتمسح لأبواب المصالح فإن النفوس ما لم ترض لم تسمح، إذ هي مجبولة على الشح والكسل كما قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} وببذل الصدقة وفعل الخير يتطهر ويتزكى ولهذا قال: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} فهذان الوجهان أعنى ابتغاء وجه الله وتثبيت النفس وإن اختلفا اختلاف الاعتبارين فهما واحد، وحق الإنسان أن يقصد ذلك في جميع ما يفعله من العبادات، فاما أن يطلب شكر مخلوق ومباهاة نظير وطلب نفع دنيوي وقضاء شهوة وإبقاء معزة فليس ذلك بمرتضى وبين أن مثل نفوس المنفقين أموالهم على هذا الوجه كمثل روضة بربوة فشبه نفوسهم بالروضة وما يأتيهم من التوفيق والهداية من جهة الله بسبب الأنفاق بما يأتي الروضة من الوابل والطل وشبه تزكية النفوس بزكاة الأكل وقال جابر: الطل مثل للفرائض والوابل مثل للنوافل معهما، ومعناه: إن حق النفق ماله أن يتحرى النوافل والفرائض، فإن من لم يتحرهما معا، لم ينفك من الفرائض، تنبيها أن الفريضة هي ما لابد منه وتخصيص الربوة لأن تأثير الشمس فيها أكثر، ولما كان قد ينقطع عن الربوة فيحترق نباتها بين
أنها لا تنفك من وابل وطل وعلى هذا قول الأعشى:
ما روضة من رياض الحزن معشبة. . . خضراء جاد عليها مسبل هطل