بحفظ الهمة، فإنها أول ما تظهر من الإنسان وهي تقدمة الأشياء " وقال عليه الصلاة والسلام: " لينظر أحدكم ما يتمنى، فإنه لا يدري ما كتب له " ومن تصور هذه الجملة علم أن قول من قال هذه الآية منسوخة بقوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} وجعل علة النسخ أن حديث النفس وما يهجس فيها غير مقدور على صرفه، فإنما استعمل لفظ النسخ في معنى التخصيص، فأما أنه أمر بما لا يقدر عليه ثم نسخ، فمجال وعلى هذا ما روي أنه قيل لابن عباس إن ابن عمر يبكي لقوله:{وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} فقال ابن عباس: " رحم الله ابن عمر، لقد وجد المسلمون منها ما وجدوا " حتى نزل {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، فإنه عنى أن هذه الآية مخصصة ومبينة للأولى ونبه بقوله:{فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ} على سعة قدرته وعدله وفضله ثم من الذي يغفر له والذي لا يغفر له لا يعقل من ظاهر الآية.