للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنون، فقال زياد: توفي أبانا وترك بنون!! ادعوا لي أبا الأسود، فلما حضر قال: ضع للناس الذي نهيتك أن تضع لهم.

وقيل: إنه دخل بيته يوماً فقال له بعض بناته: يا أبت، ما أحسن السماء، فقال: يا بنية نجومها، فقالت له: إني لم أرد أي شيء منها أحسن، إنما تعجبت من حسنها، فقال: إذن فقولي ما أحسن السماء، وحينئذ وضع النحو.

وحكى ولده أبو حرب قال: أول باب رسم أبي باب التعجب.

وقيل لأبي الأسود: من أين لك هذا العلم يعنون النحو، فقال: لقنت حدوده من علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وقيل إن أبا الأسود المذكور كان لا يخرج شيئاً أخذه عن علي بن أبي طالب إلى أحد، حتى بعث إليه زياد المذكور: أن اعمل شيئاً يكون للناس إماماً ويعرف به كتاب الله عز وجل، فاستعفاه من ذلك، حتى سمع أبو الأسود قارئاً يقرأ: (إن الله بريء من المشركين ورسوله) ، بالكسر، فقال: ما ظننت أن أمر الناس آل إلى هذا، فرجع إلى زياد فقال: أفعل ما أمر به الأمير، فليبغني كاتباً لقناً يفعل ما أقول له، فأتي بكاتب من عبد القيس فلم يرضه، فأتي بآخر فقال له أبو الأسود: إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة فوقه، وإن ضممت فمي فانقط بين يدي الحرف، وإن كسرت فاجعل النقطة من تحت، ففعل ذلك.

وإنما سمي النحو نحواً لأن أبا الأسود المذكور قال: استأذنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن أضع نحو ما وضع، فسمي لذلك نحواً، والله أعلم.

وكان لأبي الأسود بالبصرة دار، وله جار يتأذى منه في كل وقت، فباع الدار فقيل له: بعت دارك، فقال: بل بعت جاري، فأسلها مثلاً.

ودخل أبو الأسود يوماً على عبيد الله بن أبي بكرة نفيع بن الحارث بن كلدة الثقفي رضي الله عنه، فرأى عليه جبة رثة كان يكثر لبسها، فقال: يا أبا الأسود أما تمل هذه الجبة فقال: رب مملوك لا يستطاع فراقه، فلما خرج من عنده بعث (١) إليه مائة ثوب، فكان ينشد بعد ذلك - وقيل إن هذه


(١) هـ: سيّر.

<<  <  ج: ص:  >  >>