للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٥٩ - (١)

[الشيخ علي الهروي السائح]

أبو الحسن علي بن أبي بكر بن علي الهروي الأصل الموصلي المولد، السائح المشهور نزيل حلب؛ طاف البلاد وأكثر من الزيارات، وكاد يطبق الأرض بالدوران، فإنه لم يترك براً ولا بحراً ولا سهلاً ولا جبلاً من الأماكن التي يمكن قصدها ورؤيتها إلا رآه، ولم يصل إلى موضع إلا كتب خطه في حائطه، ولقد شاهدت ذلك في البلاد التي رأيتها مع كثرتها، ولما سار ذكره بذلك واشتهر به ضرب به المثل فيه، ورأيت لبعض المعاصرين، وهو ابن شمس الخلافة (٢) جعفر - المقدم ذكره (٣) - بيتين في شخص يستجدي من الناس بأوراقه وقد ذكر فيهما هذه الحالة وهما:

أوراق كديته في بيت كل فتىً ... على اتفاق معانٍ واختلاف روي


(١) ترجم له المنذري شيخ ابن خلكان في التكملة لوفيات النقلة (انظر الأعلام ٥: ٧٣) ولخص ابن العماد في الشذرات (٥: ٤٩) ما أورده ابن خلكان، وتعد هذه الترجمة معتمد كل من كتب عن الهروي (انظر بروكلمان ١: ٤٧٨ والتكملة ١: ٨٧٩ والأدب الجغرافي عند العرب: ٣٢٠ - ٣٢٢) ؛ وقد سجل الهروي في كتابه " الإشارات " بعضاً من الشؤون المتصلة به، فنراه في فلسطين سنة ٥٦٩ يزور القدس والخليل وغيرهما (ص: ٣١) ويصل إلى ثغر عسقلان في العام التالي (٣٢) وفي العام نفسه كان في الإسكندرية يسمع الحديث عن السلفي (٣٠) ويتجول في الديار المصرية حتى أسوان، ويحل عام ٥٧٢ وهو لا يزال في مصر (٥١) ؛ وقد حمله التطواف إلى شمال أفريقية وصقلية، وفي هذه الجزيرة شاهد بركان اتنا، واجتمع إلى أحد زعماء المسلمين هنالك وهو أبو القاسم ابن حمود المعروف بابن حجر الذي أرسل معه رسائل إلى السلطان صلاح الدين يحثه فيها على أخذ صقلية من يد النورمان، لكن المركب غرق وركب الهروي في مركب آخر إلى قبرس (٥٥) ؛ وفي عام ٥٨٨ أخذ الفرنج كتبه في نوبة الوقعة بخويلقة، ثم إن ملك الانكتار أرسل الهروي رسولاً يطلب الاجتماع به ووعده برد كتبه ولكنه لم يمض إليه (٣٠) ؛ والترجمة المثبتة هنا هي عين ما اوردته المسودة.
(٢) لي: ورأيت لابن شمس الخلافة ...
(٣) المجلد الأول: ٣٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>