أبو الفضل صالح بن عبد القدوس البصري مولى الأزد، أحد الشعراء، اتهمه المهدي بالزندقة فأمر بحمله، فأحضر، فلما خاطبه أعجب بغزارة أدبه وعلمه وبراعته وحسن بيانه وكثرة حكمته فأمر بتخلية سبيله، فلما ولى رده وقال: ألست القائل:
والشيخ لا يترك أخلاقه ... حتى يوارى في ثرى رمسه
إذا ارعوى عاد إلى جهله ... كذي الضنى عاد إلى نكسه قال: بلى يا أمير المؤمنين. قال: فأنت لا تترك أخلاقك، ونحن نحكم فيك بحكمك في نفسك، ثم أمر به فقتل وصلب على الجسر؛ ويقال إن المهدي أبلغ عنه أبياتاً عرض فيها بذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فأحضره المهدي وقال له: أنت القائل هذه الأبيات قال: لا والله يا أمير المؤمنين، ما أشركت بالله طرفة عين، فاتق الله ولا تسفك جمي على الشبهة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ادرأوا الحدود بالشبهات، وجعل يتلو عليه القرآن حتى رق له وأمر بتخليته. فلما ولى قال: أنشدني قصيدتك السينية، فأنشده حتى بلغ إلى قوله فيها: والشيخ لا يترك أخلاقه ... فأمر به حينئذ فقتل.
ومن مستحسنات قصائد صالح المذكور القصيدة التي أولها:
(١) كان شاعراً حكيماً يجلس في مسجد البصرة ويقص على الناس، وله مع أبي الهذيل العلاف مناظرات، وهو يكثر في شعره من الأمثال والحكم (انظر تاريخ بغداد ٩: ٣٠٣ ومعجم الأدباء ١٢: ٦ ونكت الهميان: ١٧١ وتهذيب ابن عساكر ٦: ٣٧١ والفوات ١: ٣٩١ وميزان الاعتدال ٢: ٢٩٧) وهذه الترجمة انفردت بها النسخة ص.