الملك العزيز عماد الدين أبو الفتح عثمان ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب؛ كان نائباً عن أبيه في الديار المصرية لما كان أبوه بالشام، وتوفي أبوه بدمشق، فاستقل بملكتها باتفاق من الأمراء، كما هو مشهور فلا حاجة إلى شرحه. وكان ملكاً مباركاً كثير الخير واسع الكرم محسناً إلى الناس معتقداً في أرباب الخير والصلاح؛ وسمع بالإسكندرية الحديث من الحافظ السلفي والفقيه أبي الطاهر ابن عوف الزهري، وسمع بمصر من العلامة أبي محمد ابن بري النحوي وغيرهم. ويقال إن والده كان يؤثره على بقية أولاده، ولما ولد له الملك المنصور ناصر الدين محمد كان والده بالشام والقاضي الفاضل بالقاهرة فكتب إليه يهنئه " المملوك يقبل الأرض بين يدي مولانا الملك الناصر، دام رشده وإرشاده، وزاد سعده وإسعاده، وكثرت أولياؤه وعبيده وأعداده، واشتد بأعضاده فيهم اعتضاده، وأنمى الله عدده حتى يقال هذا آدم الملوك وهذه أولاده، وينهي أن الله تعالى وله الحمد رزق الملك العزيز عز نصره ولداً مباركاً علياً، ذكراً سرياً، براً زكياً تقياً نقياً، من ذرية كريمة بعضها من بعض، وبيت شريف كادت ملوكه تكون ملائكة في السماء ومماليكه ملوكاً في الأرض ".
وكانت ولادة الملك العزيز بالقاهرة في ثامن جمادى الأولى سنة سبع وستين وخمسمائة، وكان قد توجه إلى الفيوم، فطرد فرسه وراء صيد فتقطر به فأصابته الحمى من ذلك وحمل إلى القاهرة، فتوفي بها في الساعة السابعة من ليلة الأربعاء الحادي والعشرين من المحرم سنة خمس وتسعين وخمسمائة، رحمه الله تعالى.
(١) أخباره في مرآة الزمان: ٤٦٠ وابن الأثير ١٢: ١٤٠ وذيل الروضتين: ١٦ والسلوك ١: ١١٤ والخطط ١: ٢٣٥ والنجوم الزاهرة ٦: ١٢٠ وعبر الذهبي ٤: ٢٨٧ والشذرات ٤: ٣١٩، وسقطت هذه الترجمة من م.