[نقلت من خط القاضي الفاضل فصلاً يتعلق بالملك العزيز بن صلاح الدين، رحمه الله تعالى، ما مثاله: لما كان يوم السبت تاسع عشر المحرم سنة خمس وتسعين وخمسمائة اشتد المرض بالملك العزيز وخيف عليه، وأدركه في ليلته فواقٌ وأخذ نبضه في الضعف وأصبح الطبيب على إياسٍ منه، ثم لما كان وقت الظهر وقعت البشرى أنه أفاق وحضر ذهنه، وكلم من حوله وحضر إليه الأمراء والخواص، ثم قال بعد ذلك: إلى أن كان وقت العتمة من ليلة الأحد، فبدت قوته تخور، والفواق يشتد وبغته الأمر وعظمت الحمى وصغر النبض وكثر عليه الغشي، وكانت وفاته في الساعة السابعة من ليلة الأحد، ولما كان في آخر الليل خرج فخر الدين جهاركس وأسد الدين سراسنقر وجماعة من المماليك واستدعوا الأمراء فأحضرت وأعلمت بوفاته، وقال المذكورون: إنا قد اجتمعت كلمتنا على أن يكون ولد العزيز الأكبر وتقدير عمره عشر سنين واسمه محمد ولقبه ناصر الدين المنتصب في السلطنة والقائم بالأمر، وأن يكون أتابكه بهاء الدين قراقوش، وقالوا: قد كان السلطان استناب هذا الولد واستخلف على تربيته قراقوش، ونريد أن يجتمع الأمراء، ويخرج الخدام يبلغونهم رسالة عن السلطان وأنه حي، ومعنى الرسالة أن هذا ولدي سلطانكم من بعدي، فاحلفوا له واحفظوني فيه، فقلت لهم: فإن طالبكم الأمراء بسماع هذه المشافهة من السلطان ما الذي تقولون لهم فرجعوا إلى أن يخاطبوا الأمراء إذا حضروا بأن السلطان وصى بهذه الوصية، وأنه قد قضى، ويدخلون عليهم من جانب الموافاة لجد هذا الصبي وأبيه، فقلت لهم: لا تنتظروا اجتماع الأمراء، فإنهم إن حضروا جملة فلا تأمنوا أن يمتنعوا جملة، بل كل من حضر من الأمراء تقولون له: قد اتفقنا فكن معنا، وقد حلفنا فاحلف كما حلفنا، وقدموا المصحف وأسرعوا في تلقينه، فجرى الأمر على هذا، فلما تكامل الحلف أو أكثره أحضروا الولد، فبكى الناس لما رأوه وصاحوا وقاموا إليه، ووقفوا بين يديه، جميع ذلك قبل أن يسفر صباح الأحد، ثم صليت فريضة الفجر، وشرعوا في تجهيز الملك العزيز إلى قبره، وغسل في مكان موته، واجتمع الناس فيما بين الظهر والعصر للصلاة عليه، وكثر الزحام، وقامت الواعية، فلم يخلص