أبو سعد عبد الرحمن بن محمد واسمه مأمون بن علي، وقيل إبراهيم، المعروف بالمتولي الفقيه الشافعي النيسابوري؛ كان جامعاً بين العلم والدين وحسن السيرة وتحقيق المناظرة، له يد قوية في الأصول والفقه والخلاف، تولى التدريس بالمدرسة النظامية بمدينة بغداد بعد وفاة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، رحمه الله تعالى، ثم عزل عنها قي بقية سنة ست وسبعين وأربعمائة وأعيد أبو النصر ابن الصباغ صاحب " الشامل "، ثم عزل ابن الصباغ في سنة سبع وسبعين وأعيد أبو سعد المذكور واستمر عليها إلى حين وفاته.
[وذكر أبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن إبراهيم الهمذاني في كتابه الذي ذيله على طبقات الشيخ أبي إسحاق الشيرازي في ذكر الفقهاء ما مثاله: حدثني أحمد بن سلامة المحتسب قال: لما جلس للتدريس أبو سعد عبد الرحمن واسمه مأمون بن علي المتولي بعد شيخنا، يعني أبا إسحاق الشيرازي، أنكر عليه الفقهاء استناده موضعه، وأرادوا منه أن يستعمل الأدب في الجلوس دونه، ففطن وقال له: اعلموا أنني لم أفرح في عمري إلا بشيئين: أحدهما إني جئت من وراء النهر ودخلت سرخس وعلي أثوابٌ أخلاقٌ لا تشبه ثياب أهل العلم، فحضرت مجلس أبي الحارث ابن أبي الفضل السرخسي، وجلست في أخريات أصحابه، فتكلموا في مسألة فقلت واعترضت، فلما انتهيت في نوبتي أمرني أبو الحارث بالتقدم، فتقدمت، ولما عادت نوبتي استدناني وقربني حتى جلست إلى جنبه، وقام بي وألحقني بأصحابه، فاستولى علي الفرح، والشيء الثاني حين
(١) ترجمة المتولي في المنتظم ٩: ١٨ وطبقات السبكي ٣: ٢٢٣ وعبر الذهبي ٣: ٢٩٠ والشذرات ٣: ٣٥٨، وقد ورد كما أثبتناه في ر والمسودة؛ وفي ص: ابن محمد بن مأمون، وذكر في المصادر باسم عبد الرحمن بن مأمون وفي قوله: " واسمه مأمون " إشكال.