(الترجمة رقم: ١٣١، ص: ٣٢٧، س: ٩، بعد قوله: رضي الله عنهم أجمعين)
كان عالماً زاهداً عابداً، روى عن أبيه وعطاء وعكرمة، قال محمد بن أبي القاسم عن يحيى بن الفرات قال: قال جعفر بن محمد لسفيان الثوري: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: تعجيله وتصغيره وستره.
حدث الزبير عن محمد بن يحيى الربعي [قال:] قال ابن شبرمة: دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد فسلمت عليه، وكنت له صديقاً، ثم أقبلت عليه فقلت: أمتع الله بك، هذا رجل من أهل العراق له فقه وعلم، فقال جعفر: لعله الذي يقيس الدين بريه ثم أقبل عليه فقال له: اتق الله ولا تقس الدين برأيك فإن أول من قاس إبليس إذ أمره الله بالسجود لآدم فقال: (أنا خير منه الآية الكريمة) . ثم قال له: هل تحسن أن تقيس رأسك من جسدك فقال: لا، فقال: أخبرني عن الملوحة في العين، وعن المرارة في الأذن، وعن الماء في المنخرين، وعن العذوبة في الفم، لأي شيء جعل ذلك قال: لا أدري، قال له جعفر: إن الله تبارك وعلا خلق العينين فجعلهما شحمتين، وجعل الملوحة فيهما مناً على ابن آدم، ولولا ذلك لذابتا فذهبتا، وجعل المرارة في الأذنين مناً منه عليه، وجعل الماء في المنخرين ليصعد منه النفس وينزل ويجد منه الريح الطيبة من الريح الردية، وجعل العذوبة في الفم ليجد ابن آدم لذة مطعمه ومشربه. ثم قال لأبي حنيفة: أخبرني عن كلمة أولها شرك وآخرها إيمان، ما هي قال: لا أدري، قال: قول الرجل: لا إله إلا الله، فلو قال: لا إله ثم أمسك كان مشركاً، فهذه كلمة أولها شرك وآخرها إيمان. ثم قال: ويحك أيهما أعظم عند الله: قتل النفس التي حرم أم الزنا قال: لا بل قتل النفس، قال جعفر: إن الله قد رضي وقبل في قتل النفس بشاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة، فكيف يقوم لك قياس ثم قال: أيهما أعظم عند الله: الصوم أم الصلاة قال: الصلاة، قال: فما بال المرأة إذا حاضت