للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصف الأول فوثب عليه بضعة عشر نفساً عدة الكلاب التي رآها [في المنام] فجرحوه بالسكاكين، فجرح هو بيده منهم ثلاثة وقتل رحمه الله تعالى.

وكان مملوكاً تركياً خيراً يحب العلم والصالحين ويرى العدل ويفعله ويحافظ على الصلوات في أوقاتها ويصلي من الليل مجتهداً. قل عز الدين بن الأثير: قال لي والدي رحمه الله تعالى عن بعض من كان يخدمه: كنت معه فكان يصلي كل ليلة كثيراً وكان يتوضأ هو بنفسه ولا يستعين بأحد، ولقد رأيته في بعض ليالي الشتاء بالموصل قد قام من فراشه وعليه فرجية صغيرة وبيده إبريق، فمشى نحو دجلة ليأخذ ماءً، فمنعني البرد من القيام، ثم إني خفته، فقمت إلى بين يديه لآخذ الإبريق منه، فمنعني وقال: يا مسكين ارجع إلى مكانك فإنه برد، فاجتهدت لآخذ الإبريق منه فلم يعطني وقام يصلي.

وتولى بعده ولده عز الدين مسعود ثم توفي [يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من جمادى الآخرة] سنة ٥٢١ رحمه الله تعالى (١) ، وقام بعده أخ له صغير، واستولى على البلاد مملوك للبرسقي اسمه جاوني؛ وكان السلطان محمود ذكر جماعة ممن يصلح للولاية فمنهم عماد الدين زنكي لما حضر إليه أعيان البلاد وقالوا: هذا طفل ولابد للبلاد من رجل شهم ذي رأي وتجربة، فاستحسن السلطان ذلك واستشارهم فيمن يصلح، فأشاروا بعماد الدين زنكي وبذلوا عنه مالاً جزيلاً يحمله إلى خزانة السلطان، فأجاب إلى توليته، كما سيأتي في حرف الزاي إن شاء الله تعالى.

(٣٠)

(ترجمة القاضي إياس، رقم: ١٠٥، ص: ٢٤٩، س: ٥)

ودخل الشام وهو غلام وتقدم خصمه وكان شيخاً إلى قاض لعبد الملك ابن مروان فقال له القاضي: أتتقدم شيخاً كبيراً قال: الحق أكبر منه، قال: اسكت، قال: فمن ينطق بحجتي قال: لا أظنك تقول حقاً حتى تقوم، قال:


(١) إلى هنا تنتهي الزيادة من نسخة آيا صوفيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>