للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢٥٦ - (١)

[سري السقطي]

أبو الحسن سري بن المغلس السقطي أحد رجال الطريقة وأرباب الحقيقة؛ كان أوحد زمانه في الورع وعلوم التوحيد، وهو خال أبي القاسم الجنيد وأستاذه، وكان تلميذ معروف الكرخي، يقال: إنه كان في دكانه، فجاءه معروف يوماً ومعه صبي يتيم، فقال له: اكس هذا اليتيم، قال سري: فكسوته، ففرح به معروف، وقال: بغض الله إليك الدنيا وأراحك مما أنت فيه؛ فقمت من الدكان وليس شيء أبغض إلي من الدنيا. وكل ما أنا فيه من بركات معروف.

ويحكى أنه قال: منذ ثلاثين سنة أنا في الاستغفار من قولي مرة " الحمد لله "! قيل له: وكيف ذلك فقال: وقع ببغداد حريق فاستقبلني واحد وقال: نجا حانوتك، فقلت: الحمد لله، فأنا نادم من ذلك الوقت على ما قلت، حيث أردت لنفسي خيراً من الناس.

وحكى أبو القاسم الجندي قال: دخلت يوماً على خالي سري السقطي وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك قال: جاءتني البارحة الصبية فقالت: يا أبت، هذه ليلة حارة، وهذا الكوز أعلقه هاهنا، ثم إنه حملتني عيناي فنمت فرأيت جارية من أحسن خلق الله قد نزلت من السماء، فقلت: لمن أنت قالت: لمن لا يشرب الماء المبرد (٢) في الكيزان، وتناولت الكوز فضربت به الأرض، قال الجنيد: فرأيت الخزف (٣) المكسور لم يرفعه، حتى عفى عليه التراب.


(١) ترجمة السري السقطي في تهذيب ابن عساكر ٦: ٧١ وحلية الأولياء ١٠: ١١٦ وصفة الصفوة ٢: ٢٠٩ وطبقات السلمي: ٤٨ وتاريخ بغداد ٦: ١٨٧ ولسان الميزان ٣: ١٣.
(٢) ج د: البارود.
(٣) هـ: الكوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>