للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاء كورك ولا أعلم مزيداً أسأله لك، ولئن أهديت قلبي سروراً لقد أهدى الله إليك نوراً، والشيخ ذلك القمر المنير، لقد أعلى الله قدره وأنفذ بين الجلود واللحوم أمره، ونظر إليه وإلى الذين يحسدونه فجعله فوقهم وجعلهم دون.

فصول قصار: ما كل مائع ماء ولا كل سقف سماء ولا كل محمد رسول.

وله: المرء لا يعرف ببرده والسيف لا يعرف بغمده.

(١٧)

(ترجمة جحظة البرمكي، رقم: ٥٥، ص: ١٣٤، س: ١٠) (١)

حدث علي بن سعيد الكاتب قال: قال لي جحظة: إن كتمت عليّ حدثتك بحديث ما مر على مسامعك مثله قط، قلت: أنا موضع سرك والمجالس بالأمانة، قال: اصطبحت أياماً فأصبحت يوماً مخموراً، فبينا أنا جالس على باب داري إذ أقبلت جارية متنقبة راكبة على حمار وبين يديها وصائف كالغزلان يحففن بها ويمسكن عنان حمارها وقد سطعت السكة من روائح طيبها، فبقيت مبهوتاً متحيراً أعجب من كمال خلقها ونور ما بدا لي من وجهها، فلما جاوزتني وقفت وتأملتني ساعة ثم سلمت فرددت عليها أحفى سلام وأبره وقمت على قدمي إجلالاً لها وإعظاماً، فقالت: يا فتى هل في منزلك محتمل للقايلة في هذا اليوم قلت: يا سيدتي على الرحب والسعة ولك الفضل والمنة؛ فما كذبت أن ثنت رجلها ونزلت، وقالت: أدخل بين يدي، وأمرت جواريها فدخلن بالحمار إلى الدهليز ثم دخلت وما أحسب جميع ما أراه إلا نوماً لا يقظة وشكاً لا يقيناً. فلما استقر بها المجلس مدت يدها إلى عجارها (٢) فحلته كما قال الشاعر:

فألقت قناعاً دونه الشمس واتقت ... بأحسن موصولين كفٍ ومعصم فتفكرت في أمري وأنا لا أعقل من السرور فقلت: هذه جارية مغنية


(١) اشتركت نسختا د وآيا صوفيا (٣٣ أ - ٣٣ ب) في هذه الزيادة.
(٢) آيا صوفيا: نقابها.

<<  <  ج: ص:  >  >>