رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فرده لصغر سنه، فعرض عليه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه، وكان من أهل الورع والعلم، وكان كثير الاتباع لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، شديد التحري والاحتياط والتوقي في فتواه وكل ما تأخذ به نفسه، وكان لا يتخلف عن السرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كان بعد موته مولعاً بالحج قبل الفتنة وفي الفتنة إلى أن مات.
ويقولون: إنه كان أعلم الصحابة بمناسك الحج، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين حفصة بنت عمر:" إن أخاك عبد الله رجل صالح، لو كان يقوم من الليل "؛ فما ترك ابن عمر بعدها قيام الليل.
وقال جابر بن عبد الله: ما منا أحد إلا مالت به الدنيا ومال بها، ما خلا عمر وابنه عبد الله.
وقال ميمون بن مهران: ما رأيت أورع من ابن عمر، ولا أعلم من ابن عباس. وقال سعيد بن المسيب: لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة، لشهدت لعبد الله بن عمر.
وحكى الأصمعي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن - وهو أبو الزناد - عن أبيه، قال: اجتمع في الحجر: مصعب وعروة وعبد الله بنو الزبير، وعبد الله بن عمر، فقالوا: نتمنى، فقال مصعب بن الزبير: أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين. وقال عبد الله بن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة، قال: فنالوا ما تمنوا؛ ولعل ابن عمر قد غفر له (١) .
وحكى سفيان الثوري عن طارق بن عبد العزيز عن الشعبي، قال: لقد رأيت عجباً، كنا بفناء الكعبة أنا وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ومصعب بن الزبير وعبد الملك بن مروان، فقال القوم بعدما فرغوا من صلاتهم:
(١) أوجز في الخبر إذ حذف ما قاله عروة وعبد الله، وسترد رواية شبيهة بهذه الرواية في المعنى دون اللفظ في ترجمة عروة بن الزبير، وليس فيها ذكر لابن عمر.