للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أفريقيا وكان يطعن في نسبه، فلما قرب من البلد وخرج الناس للقائه، اجتمع به جماعة من الأشراف فقال له من بينهم ابن طباطبا المذكور: إلى من ينتسب مولانا فقال له المعز: سنعقد مجلساً ونجمعكم ونسرد عليكم نسبنا. فلما استقر المعز بالقصر جمع الناس في مجلس عام وجلس لهم وقال: هل بقي من رؤساكم أحد فقالوا: لم يبقى معتبر، فسلَّ عند ذلك نصف سيفه وقال: هذا نسبي، ونثر عليهم ذهباً كثيراً وقال: هذا حسبي، فقالوا جميعاً: سمعنا وأطعنا.

وكان الشريف المذكور حسن المعاملة في معامليه حسن الإفضال عليهم ملاطفاً لهم، يركب إليهم وإلى سائر أصدقائه، ويقضي حقوقهم ويطيل الجلوس عندهم، وأغنى جماعة، وكان حسن المذهب.

وكانت ولادته سنة ست وثمانين ومائتين. وتوفي في الرابع من رجب سنة ثمان وأربعين وثلثمائة بمصر وصلّي عليه في مصلّى العيد، وحضر جنازته من الخلق ما لا يحصي عددهم ألا الله تعالى، ودفن بقرافة مصر، وقبره معروف ومشهور بإجابة الدعاء. روي أن رجلاً حجّ وفاتته زيارة النبي صلى الله عليه وسلم، فضاق صدره لذلك، فرآه في نومه صلى الله عليه وسلم، فقال له: إذا فاتتك الزيارة فزر قبر عبد الله بن أحمد بن طباطبا. وكان صاحب الرؤيا من أهل مصر.

وحكى بعض من له عليه إحسان أنه وقف على قبره وأنشد:

وخلفت الهموم على أناسٍ ... وقد كانوا بعيشك في كفاف فرآه في نومه فقال: قد سمعت ما قلت، وحيل بيني وبين الجواب والمكافأة، ولكن صر إلى مسجد (١) وصلّ ركعتين، وادع يستجب لك، رحمه الله تعالى.

وقد تقدم في حرف الهمزة الكلام على طباطبا.

وهذه الحكاية التي جرت له مع المعز عند قدومه مصر ذكرها في كتاب " الدول المنقطعة " لكنها تناقض تاريخ الوفاة، فإن المعز دخل مصر في شهر رمضان سنة اثنتين وستين وثلثمائة - كما سيأتي في ترجمته أن شاء الله تعالى - وابن


(١) ص: مسجد كذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>