للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليال علي أن أجد لهذين الجمعين ثالثاً، فلم أجد. وحسبك من يقول في حقه أبو علي هذه المقالة. وحجلى: جمع حجل، وهو: الطائر الذي يسمى القبج.

والظربي: جمع ظربان - على مثال قطران - وهي دويبة منتنة الرائحة.

وأما شعره فهو في النهاية، ولا حاجة إلى ذكر شيء منه لشهرته، لكن الشيخ تاج الدين الكندي رحمه الله كان يروي له بيتين لا يوجدان في ديوانه وكانت روايته لهما بالإسناد الصحيح المتصل به، فأحببت ذكرهما لغرابتهما، وهما:

أبعين مفتقر إليك نظرتني ... فأهنتني وقد فتني من حالق

لست الملوم أنا الملوم لأنني ... أنزلت آمالي بغير الخالق (١٤) ولما كان بمصر مرض، وكان له صديق يغشاه في علته، فلما أبل أنقطع عنه، فكتب إليه: وصلتني وصلك الله معتلاً، وقطعتني مبلاً، فإن رأيت أن لا تحبب العلة إلي، ولا تكدر الصحة علي، فعلت إن شاء الله تعالى.

والناس في شعره على طبقات: فمنهم من يرجحه على أبي تمام ومن بعده، ومنهم من يرجح أبا تمام عليه، وقال أبو العباس أحمد بن محمد النامي الشاعر الآتي ذكره عقيب هذا: كان قد بقي من الشعر زاوية دخلها المتنبي، وكنت أشتهي أن أكون قد سبقته إلى معنيين قالهما ماسبق إليهما، أحدهما قوله:

رماني الدهر بالأرزاء حتى ... فؤادي في غشاء من نبال

فصرت إذا أصابتني سهام ... تكسرت النصال على النصال والآخر قوله:

في جحفل ستر العيون غباره ... فكأنما يبصرن بالآذان واعتنى العلماء بديوانه فشرحوه، وقال لي أحد المشايخ الذين أخذت عنهم: وقفت له على أكثر من أربعين شرحاً ما بين مطولات ومختصرات، ولم يفعل هذا بديوان غيره، ولاشك أنه كان رجلاً مسعوداً، ورزق في شعره السعادة التامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>