للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألست الكاتب إلي تبدأ بنفسك قبلي ألست الكاتب تخطب عمتي آسيا وتزعم أنك ابن سليط (١) بن عبد الله بن العباس لقد ارتقيت لا أم لك مرتقىً صعباً. فأخذ أبو مسلم بيده يعركها ويقبلها ويعتذر إليه، فقال له المنصور وهو آخر كلامه: قتلني الله إن لم أقتلك، ثم صفق بإحدى يديه على الأخرى، فخرج إليه القوم وخبطوه بسيوفهم، والمنصور يصيح (٢) : اضربوا قطع الله أيديكم، وكان أبو مسلم قد قال عند أول ضربة: استبقني يا أمير المؤمنين لعدوك، قال: لا أبقاني الله أبداً إذاً (٣) ، وأي عدو أعدى منك

وكان قتله يوم الخميس لخمس بقين من شعبان، وقيل لليلتين، وقيل يوم الأربعاء لسبع ليال خلون منه، سنة سبع وثلاثين ومائة، وقيل سنة ست وثلاثين، وقيل سنة أربعين وهذا القول ضعيف، وكان قتله برومية المدائن، وهي بلدة بالقرب من بغداد على دجلة بالجانب الغربي معدودة من مدائن كسرى. ولما قتله أدرجه في بساط فدخل عليه جعفر بن حنظلة فقال له المنصور: ما تقول في أمر (٤) أبي مسلم فقال: يا أمير المؤمنين، إن كنت أخذت من رأسه شعرة فاقتل ثم اقتل ثم اقتل، فقال المنصور: وفقك الله، هاهو في البساط، فلما نظر إليه قتيلاً قال: يا أمير المؤمنين عد هذا اليوم أول خلافتك، فأنشد المنصور:

فألقت عصاها واستقرت بها النوى ... كما قر عيناً بالإياب المسافر ثم أقبل المنصور على من حضره، وأبو مسلم طريح بين يديه وأنشد:

زعمت أن الدين لا يقتضى ... فاستوف بالكيل أبا مجرم

اشرب بكأسٍ كنت تسقي بها ... أمر في الحلق من العلقم


(١) هامش المسودة: خ: من ولد سليط.
(٢) ر: يقول.
(٣) ر: لا أبقاني الله أبداً إن أنا أبقيتك.
(٤) س: قتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>