والتعليقات في الأوراق إذا جمعت ما تقصر عن مائة مجلد، وهو مجيد في أكثرها.
قال العماد الأصبهاني في كتاب " الخريدة " في حقه (١) : رب القلم والبيان، واللسن واللسان، والقريحة الوقادة، والبصيرة النقادة، والبديهة المعجزة، والبديعة المطرزة، والفضل الذي ما سمع في الأوائل بمن لو عاش في زمانه لتعلق بغباره، أو جرى في مضماره، فهو كالشريعة المحمدية التي نسخت الشرائع، ورسخت بها الصنائع، يخترع الأفكار، ويفترع الأبكار، ويطلع الأنوار، ويبدع الأزهار، وهو ضابط الملك بآرائه، رابط السلك بآلائه، إن شاء أنشأ في يوم واحد بل في ساعة واحدة ما لو دون لكان لأهل الصناعة خير بضاعة، أين قس عند فصاحته وابن قيس في مقام حصافته ومن حاتم وعمرو في سماحته وحماسته وأطال القول في تقريظه.
ونذكر له رسالة لطيفة كتبها على يد خطيب عيذاب إلى صلاح الدين يتشفع له في توليته خطابة الكرك وهي:" أدام الله السلطان الملك الناصر وتبته، وتقبل عمله بقبولٍ صالح وأنبته، وأخذ عدوه قائلاً أو بيته، وأرغم أنفه بسيفه وكبته، خدمة المملوك هذه واردة على يد خطيب عيذاب، ولما نبا به المنزل عنها، وقل عليه المرفق فيها، وسمع بهذه الفتوحات التي طبق الأرض ذكرها ووجب على أهلها شكرها، هاجر من هجير عيذاب وملحها، سارياً في ليلة أمل كلها نهار فلا يسأل عن صبحها. وقد رغب في خطابة الكرك وهو خطيب، وتوسل بالمملوك في هذا الملتمس وهو قريب، ونزع من مصر إلى الشام ومن عيذاب إلى الكرك وهذا عجيب، والفقر سائق عنيف، والمذكور عائل ضعيف، ولطف الله بالخلق بوجود مولانا لطيف، والسلام ".
وله من جملة رسالة في صفة قلعة شاهقة ولقد أبدع فيها، ويقال إنها قلعة كوكب " وهذه القلعة عقاب في عقاب، ونجم في سحاب، وهامة لها الغمامة عمامة، وأنملة إذا خضبها الأصيل كان الهلال لها قلامة ".
وملحه ونوادره كثيرة. وقوله " كان الهلال لها قلامة " أخذه من قول