للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و " العقيدة النظامية " و " مدارك العقول " لم يتمه، وكتاب " تلخيص نهاية المطلب " لم يتمه، و " غياث الأمم في الإمامة " و " مغيث الخلق في اختيار الأحق " و " غنية المسترشدين " في الخلاف وغير ذلك من الكتب. وكان إذا شرع في علوم الصوفية وشرح الأحوال أبكى الحاضرين، ولم يزل على طريقة حميدة مرضية من أول عمره إلى آخره.

أخبرني بعض المشايخ أنه وقف على جلية أمره (١) في بعض الكتب، وأن والده الشيخ أبا محمد، رحمه الله تعالى، كان في أول أمره ينسخ بالأجرة، فاجتمع له من كسب يده شيء اشترى به جارية موصوفة بالخير والصلاح، ولم يزل يطمعها من كسب (٢) يده أيضاً إلى أن حملت بإمام الحرمين، وهو مستمر على تربيتها بكسب الحل، فلما وضعته أوصاها أن لا تمكن أحداً من إرضاعه، فاتفق أنه دخل عليها يوماً وهي متألمة والصغير يبكي، وقد أخذته امرأة من جيرانهم وشاغلته بثديها فرضع منه قليلاً، فلما رآه شق عليه وأخذه إليه ونكس رأسه ومسح على بطنه وأدخل إصبعه في فيه ولم يزل يفعل به ذلك حتى قاء جميع ما شربه، وهو يقول: يسهل علي أن يموت ولا يفسد طبعه بشرب لبن غير أمه. ويحكى عن إمام الحرمين أنه كان تلحقه بعض الأحيان (٣) فترةٌ في مجلس المناظرة فيقول: هذا من بقايا تلك الرضعة.

ومولده في ثامن عشر المحرم سنة تسع عشرة وأربعمائة، ولما مرض حمل إلى قرية من أعمال نيسابور، يقال لها بشتنقان (٤) موصوفة باعتدال الهواء وخفة الماء، فمات بها ليلة الأربعاء وقت العشاء الآخرة الخامس والعشرين من شهر (٥) ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، ونقل إلى نيسابور تلك الليلة ودفن من الغد في داره، ثم نقل بعد سنين (٦) إلى مقبرة الحسين فدفن بجنب


(١) ل: عمره.
(٢) ل: كتب.
(٣) س: الأيام.
(٤) وضع على الباء فتحة في المسودة، وقال ياقوت بأن الباء مضمومة.
(٥) ر: الخامس من شهر.
(٦) ر: سنتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>