للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهب وأشهب ثم انتهت الرياسة في العلم بالمغرب إليه، وكان يقول قبح الله الفقر، أدركنا مالكاً وقرأنا على ابن القاسم. كان أصله من الشام من مدينة حمص قدم به أبوه مع جند أهل حمص وولي القضاء بالقيروان وعلى قوله المعول بالمغرب. وصنف كتاب " المدونة " في مذهب الإمام مالك رضي الله عنه، وأخذها عن ابن القاسم وكان أول من شرع في تصنيف " المدونة " أسد بن الفرات الفقيه المالكي بعد رجوعه من العراق وأصلها أسئلة سأل عنها ابن القاسم فأجابه عنها، وجاء بها أسد إلى القيروان وكتبها عنه سحنون، وكانت تسمى " الأسدية " ثم رحل بها سحنون إلى ابن القاسم في سنة ثمان وثمانين ومائة فعرضها عليه وأصلح فيها مسائل ورجع بها إلى القيروان في سنة إحدى وتسعين ومائة، وهي في التأليف على ما جمعه أسد ابن الفرات أولاً غير مرتبة المسائل ولا مرسمة التراجم، فرتب سحنون أكثرها وبوبه على ترتيب التصانيف واحتج لبعض مسائلها بالآثار من روايته من موطإ ابن وهب وغيره، وبقيت منها بقية لم يتمم فيها سحنون هذا العمل المذكور، ذكر هذا كله القاضي عياض وغيره.

وذكر لي بعض الفقهاء المالكية أن الشيخ جمال الدين أبا عمرو المعروف بابن الحاجب الفقيه المالكي النحوي - الآتي ذكره بعد هذا إن شاء الله تعالى واسمه عثمان - قال: إن أسد بن الفرات الفقيه المالكي جاء من الغرب إلى مصر وقرأ على ابن القاسم وأخذ عنه " المدونه " وكانت مسودة وعاد بها إلى بلاده فحضر إليه سحنون وطلبها منه لينقلها فبخل عليه بها فرحل سحنون إلى ابن القاسم وأخذ عنه " المدونة " وقد حررها ابن القاسم فدخل بها إلى الغرب وعلى يده كتاب ابن القاسم إلى أسد بن الفرات يقول فيه: تقابل نسختك بنسخة سحنون فالذي تتفق عليه النسختان يثبت والذي يقع فيه الاختلاف فالرجوع إلى نسخة سحنون، وتمحى نسخة ابن الفرات فهذه هي الصحيحة فلما وقف ابن الفرات على كتاب ابن القاسم عزم على العمل به، فقال له أصحابه: إن عملت هذا صار كتاب سحنون هو الأصل وبطل كتابك، وتكون أنت قد أخذته عن سحنون، فلم يعمل بكتاب ابن القاسم، فلما بلغ

<<  <  ج: ص:  >  >>