للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلت له: أمي فتاة، فكأني نقصت من عينه، فأمهلت حتى دخل سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله عنهم، فلما خرج من عنده قلت: يا عم من هذا فقال: سبحان الله، أتجهل مثل هذا من قومك هذا سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قلت: فمن أمه قال: فتاة، قال: ثم أتاه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، فجلس عنده ثم نهض، قلت: يا عم، من هذا فقال: أتجهل من أهلك مثله ما أعجب هذا، هذا القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، قلت: فمن أمه قال: فتاة، قال: فأمهلت شيئاً حتى جاءه علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه فسلم عليه ثم نهض، فقلت: يا عم، من هذا قال: هذا الذي لا يسعُ مسلماً أن يجهله، هذا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فقلت: من أمه قال: فتاة، فقلت: يا عم، رأيتني نقصت في عينك لما علمت أن أمي فتاة (١) ، أفما لي في هؤلاء أسوة قال: فجللت في عينه جداً.

وكان أهل المدينة يكرهون اتخاذ أمهات الأولاد حتى نشأ فيهم علي بن الحسن والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله، ففاقوا أهل المدينة فقهاً وورعاً، فرغب الناس في السراري (٢) .

وكان زين العابدين كثير البر بأمه، حتى قيل له: إنك أبر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة، فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون قد عققتها، وهذا ضد قصة أبي المخش مع ابنه، فإنه قال (٣) : كانت لي ابنة تجلس معي على المائدة فتبرز كفاً كأنها طلعة في ذراع كأنه جمارة فما تقع عينها على لقمة نفيسة إلا خصتني بها، فزوجتها، فصار يجلس معي على المائدة ابن لي فيبرز كفاً كأنها كرنافة (٤) في ذراع كأنه كربة،


(١) لي: ما علمت أني لأم ولد.
(٢) زاد هنا في هامش المسودة: ذكر ابن قتيبة في كتاب المعارف أن زين العابدين يقال أن أمه سندية يقال لها سلافة ويقال غزالة والله أعلم بالصواب، وهذا مكرر، وسيأتي بعد سطور.
(٣) انظر هذه القصة في عيون الأخبار ٣: ٢١٩.
(٤) الكرانيف: أصول الكرب تبقى في جذع النخلة بعد قطع السعف، والكرب أصول السعف.

<<  <  ج: ص:  >  >>