للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاد شعره، وعلا شأنه، وانطلق لسانه. ثم انتقل عن قرطبة إلى المعتضد عباد صاحب إشبيلية في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، فجعله من خواصه: يجالسه في خلواته، ويركن إلى إشاراته. وكان معه في صورة وزير. وذكر له شيئاً كثيراً من الرسائل والنظم، فمن ذلك قوله:

بيني وبينك ما لو شئت لم يضع ... سر إذا ذاعت الأسرار لم يذع

يا بائعاً حظه مني، ولو بذلت ... لي الحياة بحظي منه لم أبع

يكفيك أنك إن حملت قلبي ما ... لا تستطيع قلوب الناس يستطع

ته أحتمل واستطل أصبر وعز أهن ... وول أقبل وقل أسمع ومر أطع ومن شعره أيضاً:

ودع الصبر محب ودعك ... ذائع من سرع ما استودعك

يقرع السن على أن لم يكن ... زاد في تلك الخطا إذ شيعك

يا أخا البدر سناء وسناً ... حفظ الله زماناً أطلعك

إن يطل بعدك ليلي فلكم ... بت أشكو قصر الليل معك وله القصائد الطنانة، ولولا خوف الإطالة لذكرت بعضها.

ومن بديع قلائده قصيدته النونية التي منها:

نكاد حين تناجيكم ضمائرنا ... يقضي علينا الأسى لولا تأسينا

حالت لبعدكم (١) أيامنا فغدت ... سودا وكانت بكم بيضاً ليالينا

بالأمس كناوما يخشى تفرقنا ... واليوم نحن وما يرجى تلاقينا وهي طويلة، وكل أبياتها نخب، والتطويل يخرج بنا عن المقصود.

وكانت وفاته في صدر رجب سنة ثلاث وستين وأربعمائة بمدينة إشبيلية، رحمه الله تعالى، ودفن بها.


(١) أج: لفقدكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>