للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اركب، فهذا والله الأحول سعيد بن نجاح، وركب عبد الله، فقال الصليحي لأخيه: إني لا أموت إلا بالدهيم وبئر أم معبد، معتقداً أنها أم معبد التي نزل بها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لما هاجر إلى المدينة (١) ، فقال له رجل من أصحابه: قاتل عن نفسك، فهذه والله الدهيم وهذه بئر أم معبد، فلما سمع الصليحي ذلك لحقه زمع اليأس من الحياة، وبال، ولم يبرح من مكانه حتى قطع رأسه بسيفه وقتل أخوه معه وسائر الصليحين، وذلك في الثاني عشر من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة.

ثم إن سعيداً أرسل إلى خمسة الآلاف التي أرسلها الصليحي لقتالهم، وقال لهم: إن الصليحي قد قتل، وأنا رجل منكم، وقد أخذت ثأر (٢) أبي، فقدموا عليه وأطاعوه، واستعان بهم على قتال عسكر الصليحي، فاستظهر عليهم قتلاً وأسرا ونهباً، ثم رفع رأس الصليحي على عود المظلة، وقرأ القارئ: (قل اللهم مالك الملك) (٣) ... الآية (آل عمران:٢٦) . ورجع إلى زبيد، وقد حاز الغنائم ملكاً عقيماً، ودخلها في السادس عشر من ذي القعدة من السنة وملكها، وملك بلاد تهامة. ولم يزل على ذلك حتى قتل في سنة إحدى وثمانين وأربعمائة بتدبير الحرة، وهي امرأة من الصليحيين، وخبر ذلك يطول.

ولما قتل الصليحي ورفع رأسه على عود المظلة - كما تقدم ذكره - عمل في ذلك القاضي العثماني (٤) :

بكرت مظلته عليه فلم ترح ... إلا على الملك الأجل سعيدها

ما كان أقبح وجهه في ظلها ... ما كان أحسن رأسه في عودها

سود الأراقم قابلت أسد الشرى ... وارحمتا لأسودها من سودها


(١) قال ابن هشام: أم كعبد بنت كعب امرأة من بني كعب من خزاعة (السيرة ١: ٤٨٧) واسمها عاتكة بنت خالد.
(٢) لي: بثأر.
(٣) وردت الآية بكاملها في س لي.
(٤) انظر الخريدة ٣: ٢٣١، ٢٣٣ (قسم الشام) .

<<  <  ج: ص:  >  >>