للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاصرا دمشق وأخذاها من الأفضل وأعطياه (١) صرخد، فمضى إليها وأقام بها قليلاً، فمات العزيز بمصر وتولى ولده الملك المنصور محمد وكان صغيراً، فطلب الملك الأفضل من صرخد ليكون أتابكه، وكان طلبه يوم الأربعاء التاسع والعشرين من صفر سنة خمس وتسعين وخمسمائة، عقيب موت أخيه العزيز عثمان، ومشى في ركاب المنصور محمد ابن العزيز.

ثم أن الملك العادل قصد الديار المصرية وأخذها، ودفع للأفضل عدة بلاد بالشرق (٢) ، فمضى إليها، فلم يحصل له سوى سميساط فأقام بها، ولم يزل بها إلى أن مات.

وما أحسن كلام القاضي الفاضل، من جملة كتاب كتبه في أثناء هذه الوقائع: " أما هذا البيت فإن الآباء منه اتفقوا فملكوا، والأبناء اختلفوا فهلكوا، وإذا غرب نجم فما في الحيلة تشريقه، وإذا بدا خرق ثوبٍ فما يليه إلا تمزيقه، وهيهات أن يسد على قدر طريقه، وقد قدر طروقه، وإذا كان الله مع خصم على خصم، فمن كان الله معه فمن يطيقه ".

وكان الأفضل فيه فضيلة (٣) ومعرفة وكتابة ونباهة، وكان يحب العلماء ويعظم حرمتهم، وله شعر. فمن المنسوب إليه أنه كتبه إلى الإمام الناصر يشكو من عمه العادل وأخيه العزيز لما أخذ منه دمشق (٤) :

مولاي إن أبا بكر وصاحبه ... عثمان قد غصبا بالسيف حق علي

وهو الذي كان قد ولاه والده ... عليهما فاستقام الأمر حين ولي

فخالفاه وحلا عقد بيعته ... والأمر بينهما والنص فيه جلي

فانظر إلى حظ هذا الاسم كيف لقي ... من الأواخر ما لقي من الأول فجاء جواب الإمام الناصر وفي أوله:


(١) في المسودة: وأعطاه.
(٢) ر: بالمشرق.
(٣) ن: وكان ذا فضيلة.
(٤) ورد هذا الشعر في عدة مصادر، انظر مثلاً تمام المتون: ٢٤٩ وفيه جواب الناصر أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>