المنصور خبره، أقبل مسرعاً في سنة اثنتين وأربعين ومائة، وبها عمرو بن عبيد، فقال له أصحابه: نخرج للقائه، فأبى، فعاودوه وغلبوه على رأيه حتى خرج إليه، فقال له يا أبا عثمان، هل بالبصرة أحد نخافه على أمرنا قال: لا، قال: أفأقتصر على قولك وأنصرف قال: نعم، فانصرف ولم يدخلها] (١) .
ولعمرو المذكور رسائل وخطب، وكتاب التفسير عن الحسن البصري، وكتاب " الرد على القدرية "، وكلام كثير في العدل والتوحيد، وغير ذلك.
ولما حضرته الوفاة قال لصاحبه: نزل بي الموت ولم أتأهب له، ثم قال: اللهم إنك تعلم أنه لم يسنح لي أمران في أحدهما رضا لك وفي الآخر هوى لي إلا اخترت رضاك على هواي، فاغفر لي.
وكانت ولادته في سنة ثمانين للهجرة. وتوفي سنة أربع وأربعين ومائة، وقيل اثنتين، وقيل ثلاث، وقيل ثمان، وهو راجع من مكة بموضع يقال له مران؛ ورثاه المنصور بقوله:
صلى الإله عليك من متوسدٍ ... قبراً مررت به على مران
لو أن هذا الدهر أبقى صالحاً ... أبقى لنا عمراً أبا عثمان ولم يسمع بخليفة رثى من دونه سواه، رضي الله عنه.
ومران: بفتح الميم وتشديد الراء وبعد الألف نون، موضع بين مكة والبصرة على ليلتين من مكة، وبه دفن أيضاً تميم بن مر الذي تنسب إليه بنو تميم القبيلة الكبيرة المشهورة.
واسم جده باب: بباءين موحدتين بينهما ألف، وإنما قيدته لأنه يتصحف بناب.