للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورهبته " فقال: ليستا بسواء (١) ، فقلت: رهبته فرقته، وأرهبته أدخلت الفرق في قلبه، قال أبو عمرو: ذهب من يعرف هذا منذ ثلاثين سنة.

وقال ابن مناذر: سألت أبا عمرو بن العلاء: حتى متى يحسن بالمرء أن يتعلم قال: ما دامت الحياة تحسن به. وقال أبو عمرو: حدثنا قتادة السدوسي قال: لما كتب المصحف عرض على عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فقال: إن فيه لحناً ولتقيمنه العرب بألسنتها.

وكان أبو عمرو إذا دخل شهر رمضان لم ينشد بيت شعر (٢) حتى ينقضي. وكان له في كل يوم فلسان يشتري بأحدهما كوزاً جديداً يشرب فيه يومه ثم يتركه لأهله، ويشتري بالأخر ريحاناً فيشمه يومه فإذا أمسى قال لجاريته: جففيه ودقيه في الأشنان.

وروى بن يونس بن حبيب النحوي قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: ما زدت في شعر العرب قط إلا بيتاً واحداً، وهو:

وأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصلعا وهذا البيت يوجد في جملة أبيات للأعشى، وهي أبيات مشهورة. وقال أبو عبيدة: دخل أبو عمرو بن العلاء على سليمان بن علي، وهو عم السفاح، فسأله عن شيء فصدقه، فلم يعجبه ما قاله، فوجد أبو عمرو في نفسه وخرج، وهو يقول:

أنفت من الذل عند الملوك ... وأن أكرموني وإن قربوا

إذا ما صدقتهم خفتهم ... ويرضون مني بأن يكذبوا وحكى علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال: سمعت أبي يقول لأبي عمرو بن العلاء: خبرني عما وضعت مما سميته عربيةً، يدخل فيه كلام العرب كله فقال: لا، فقلت: فكيف تصنع فيما خالفتك فيه العرب وهو حجة قال:


(١) ل: بالسواء.
(٢) ر: بيتاً من الشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>