للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكره - مودة، فحصل لإبراهيم ضائقة بسبب البطالة في بعض الأوقات، فبعث لهم عمرو مالاً، فكتب إليه إبراهيم (١) :

سأشكر عمراً ما تراخت منيتي ... أيادي لم تمنن وإن هي جلت

فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشكوى إذ النعل ذلت

رأى خلتي من حيث يخفى مكانها ... فكانت قذى عينيه حتى تجلت وقال أحمد بن يوسف الكاتب - المقدم ذكره (٢) -: دخلت على المأمون، وهو يمسك كتاباً بيده، وقد أطال النظر فيه زماناً وأنا ملتفت إليه، فقال: يا أحمد، أراك مفكراً فيما تراه مني، قلت: نعم، وقى الله أمير المؤمنين من المكاره وأعاذه من المخاوف، قال: فإنه لا مكروه فيه: ولكنني قرأت كلاماً وجدته نظير ما سمعته من الرشيد يقوله في البلاغة، كان يقول: البلاغة التباعد عن الإطالة، والتقرب من معنى البغية، والدلالة بالقليل من اللفظ على المعنى، وما كنت أتوهم أن أحداً يقدر على المبالغة في هذا المعنى، حتى قرأت هذا الكتاب، ورمى به إلي، وقال: هذا كتاب من عمرو بن مسعدة إليه، قال: فقرأته فإذا فيه " كتابي إلى أمير المؤمنين ومن قبلي من قواده وسائر أجناده في الانقياد والطاعة على أحسن ما تكون عليه طاعة جند تأخرت أرزاقهم، وانقياد كفاة تراخت أعطياتهم، واختلت لذلك أحوالهم، والتائت معه أمورهم " فلما قرأته قال: إن استحساني إياه بعثني على أن أمرت للجند قبله بعطائهم لسبعة أشهر، وأنا على مجازاة الكاتب بما يستحقه من حل محله في صناعته.


(١) انظر الطرائف الأدبية: ١٣٠.
(٢) كذا كتب المؤلف في المسودة، ولم يتقدم لأحمد بن يوسف الكاتب ترجمة مستقلة، وإنما ذكر في ترجمة بوران ١: ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>